“لا أستطيع تمييز ملامح وجوه أحفادي” – “أشعر بانزعاج شديد أثناء القراءة، حتى إن الرؤية لم تعد تتحسن عندما أرتدي نظارة القراءة الخاصة بي!” – “لم تعد الألوان التي أراها واضحة كما كانت في السابق، بل صارت الصورة باهتة، ومالت جميع الألوان إلى اللون الأصفر”.. هذه هي بعض شكاوى المصابين بالمياه البيضاء، والتي تبرز مجموعة من أهم أعراض المياه البيضاء في العين.
في هذا المقال نتعرّف على أعراض المياه البيضاء وعلاجها الذي يسمح بإعادة جودة الرؤية إلى أفضل مما كانت عليه سابقًا.
ما هي المياه البيضاء في العين؟
المياه البيضاء هو مرض يصيب عدسة العين الداخلية بسبب حدوث تغيّر في مكوّناتها الرئيسية، وتكتّل البروتينات فيها مما يسبب عتامة في العدسة، وضبابية في الرؤية.
وعادة ما يحدث هذا التغيّر كنتيجة طبيعية للتقدم في العمر (وهو ما يسمى بالمياه البيضاء الشيخوخية)، أو نتيجة التعرض لصدمة مباشرة في العين، أو بسبب خطأ طبيّ أثناء إحدى الجراحات في العين.
وتتفاوت درجة الإصابة بالمياه البيضاء، وكذلك يختلف تأثيرها على جودة الرؤية والأعراض التي تظهر على المصابين، وسنتعرف على أهم هذه الأعراض فيما يلي.
أعراض المياه البيضاء في العين
تختلف الأعراض التي تظهر على مصابي المياه البيضاء من حالة إلى أخرى وفقًا لعدة عوامل، منها: نوع المياه البيضاء، ومكانها، ودرجتها.
وعادة ما تظهر الأعراض التالية على مرضى المياه البيضاء:
التدهور التدريجي في الرؤية
من أهم أعراض المياه البيضاء هو أنها تتسبب في تدهور النظر بصورة تدريجية، فيشعر المريض أنه بحاجة إلى تغيير النظارة الطبية التي يرتديها كل فترة، إذ لم تعد النظارة التي يستخدمها توفّر له كفاءة الرؤية المطلوبة.
ولكن في أحيان أخرى وبسبب أن هذا التدهور يحدث بصورة تدريجية.. قد لا يشعر المريض بأنه مصاب بالمياه البيضاء أو يحتاج إلى الكشف الطبي! إذ يتأقلم العقل على الصورة الجديدة (أي يتأقلم مع انخفاض كفاءة الرؤية)، ويعتبرأن هذه هي الصورة الطبيعية التي ينبغي أن يراها.
ولهذا السبب تحديدًا يتأخر الكثير من المرضى المصابين بالمياه البيضاء في قرار الذهاب إلى طبيب العيون لتلقي الفحص والعلاج المناسب، وعادة ما تُكتشف إصابتهم عن طريق المصادفة، أو بعض تطور المرض وظهور العديد من الأعراض الأخرى.
ضعف كفاءة الرؤية أثناء القراءة
من أهم المشكلات التي تواجه مرضى المياه البيضاء هي صعوبة القراءة وتصفح الهواتف أو العمل على الحاسوب، إذ لا تكون الحروف واضحة، حتى وإن ارتدى المريض نظارة القراءة، إذ سيظل يشعر بالانزعاج لعدم وضوح الحروف كما كان الوضع سابقًا قبل الإصابة بالمياه البيضاء.
صعوبة الرؤية في الضوء
من الأعراض المزعجة لمرضى المياه البيضاء هي صعوبة الرؤية أثناء النهار ومع وجود مصادر متعددة للإضاءة، والسبب في ذلك يرجع إلى صغر حدقة العين عند تعرضها لمصادر الضوء المختلفة، مما يتسبب في مرور الضوء عبر جزء صغير في عدسة العين المصابة بالإعتام أصالة، وبالتالي لا تتركز الصورة على الشبكية بالشكل المطلوب، ولا تكون كفاءة الرؤية جيدة.
قصر النظر المتزايد
يظهر هذا العرض بقوّة مع نوع معين من أنواع المياه البيضاء، وهو “المياه البيضاء المتجانسة”، أي المياه البيضاء التي تصيب كافّة أجزاء العدسة.
ويتمثّل هذا العرض في تدهور كفاءة النظر مع مرور الوقت، فعند فحص العين في بداية المرض يجد المريض أن حدة البصر لديه -2، وفي وقت لاحق يجد أنها صارت -4، وهكذا مع مرور الوقت يزداد معدّل قصر النظر لدى المريض.
اصفرار الألوان
من أعراض المياه البيضاء الشهيرة اصفرار الألوان أو ما يطلق عليه البعض بهتان الألوان، إذ تفقد الألوان قوّتها وتقترب إلى اللون الأصفر الذي قد يُشعر المريض بالاكتئاب مع مرور الوقت.
اعراض المياه البيضاء وعلاجها
قبل أن ننتقل إلى الحديث عن طرق علاج المياه البيضاء المتاحة في وقتنا الحالي، نلخّص لكم أهم الأعراض الخاصة بمرض المياه البيضاء، إذ تتمثل في:
- تدهور النظر التدريجي.
- قصر النظر المتزايد.
- صعوبة القراءة.
- صعوبة الرؤية تحت ظروف الإضاءة العالية.
- اصفرار الرؤية.
- ازدواجية الرؤية.
أما عن علاج المياه البيضاء فإنه يتمثّل في استبدال العدسة المعتمة بعدسة أخرى صناعية تقوم بوظيفة العدسة الأصلية، وتفاصيل ذلك على النحو التالي:
علاج المياه البيضاء في العين
حتى تختفي جميع أعراض المياه البيضاء في العين يجب أن يتم إزالة السبب الرئيسي لهذه المشكلة، ألا وهو عدسة العين الأصلية التي أصابها الإعتام، ولم يتعد شفّافة كما هو الحال المفترض أن تكون عليه العدسة.
وتتم خطوة إزالة المياه البيضاء من خلال 3 طرق شهيرة، وهي:
- الفاكو: وهي تقنية تعتمد على الموجات فوق الصوتية عالية التردد لتفتيت أجزاء العدسة المعتمة وشفط محتوياتها خارج العين.
- الفيمتو ليزر: وهي تقنية تعتمد على ليزر الفيمتو ثانية الدقيق لتفتيت العدسة ومن ثم تنظيم مكانها لاستقبال العدسة الجديدة.
- الجراحة التقليدية: وهي التقنية الأقدم في علاج المياه البيضاء، وتعتمد على عمل شق جراحي كبير نسبيًا في العين لإزالة العدسة كاملة (قطعة واحدة)، وعادة ما يكون ذلك في حالات تحجّر المياه البيضاء.
هذه هي الخطوة الأولى في علاج المياه البيضاء.. ولكن ماذا بعد إزالة هذه العدسة المعتمة؟ كيف يستعيد المريض كفاءة الرؤية المطلوبة ويتخلص من أعراض المياه البيضاء أثناء ممارسة حياته اليومية؟! هنا نلجأ إلى زراعة عدسات المياه البيضاء.
عملية المياه البيضاء وزرع عدسة
بعد تفتيت العدسة المعتمة وإزالة محتوياتها بإحدى التقنيات التي ذكرناها سابقًا يأتي الدور على زراعة نوع من أنواع العدسات التي تناسب حالة المريض.
وتتعدد أنواع عدسات المياه البيضاء لتشمل:
- العدسات التي تساعد على التخلص من نظارة المسافات، وهي العدسات أحادية البؤرة.
- عدسات تساعد في التخلص من النظارات الطبيّة تمامًا، وهي العدسات متعدد البؤر، إذ تساهم في تحسين كفاءة الرؤية على المستوى البعيد والمتوسط والقريب.
- العدسات المعالجة للاستجماتيزم، وهي العدسات التي تساهم في معالجة مشكلة انحرافات سطح القرنية لدى المريض.
- عدسات مصححة للتشوهات البصرية، مثل تصحيح تباين الألوان وكفاءة الرؤية الليلية.
ويختار الطبيب النوع المناسب للعدسات حسب حالة المريض، ونمط حياته اليومي.
هل المياه البيضاء تسبب الصداع؟
يشكو بعض المرضى المصابين بالمياه البيضاء من مشكلة الصداع، ويرجع ذلك عادة إلى ضعف الرؤية بشكل عام، أو إلى مشكلة ازدواجية الرؤية التي قد تصاحب المياه البيضاء، ولذا تعد المياه البيضاء من أسباب الصداع، وخاصة عند القراءة أو النظر إلى الأجهزة الإلكترونية.
هل المياه البيضاء تسبب العمى؟
تُعد المياه البيضاء من أشهر أسباب الإصابة بالعمى، بداية من ضعف الرؤية بصورة بالغة، وعدم قدر المريض على تمييز ملامح الأشخاص أو مواجهة صعوبة في المشي وممارسة الأنشطة اليومية.. وحتى الإصابة بالعمى الكامل نتيجة تحجّر عدسة العين، والذي قد يتسبب في زيادة ضغط العين، ومن ثم تضرر العصب البصري المسؤول عن نقل الصورة إلى المخ.. وهو ما لا يُمكن إصلاحه بأي عملية في وقتنا الحالي.