الفرق بين المياه البيضاء والزرقاء في العين
تقابل صديقان بعد طول غياب، فوجدا أن السنين لم تدع لهما المجال للتمتع بحاسة النظر كما كانت سابقًا إذ أصيب أحدهما بالمياه البيضاء والآخر بالجلوكوما، وأخذا يتناقشان حول الفرق بين المياه البيضاء والزرقاء في العين، وبدأ الحوار بينهما عن المياه البيضاء ثم تطرق صاحبنا الثاني إلى الحديث عن مشكلته.
أولا
المياه البيضاء
تُعرف أيضًا بالساد أو الإعتام، وبالإنجليزية (cataract)، ويُقصد بها إعتام عدسة العين إثر اختلال البروتينات المكونة لها مما يعيق الرؤية بمرور الوقت.
إننا نرى الأشياء حولنا بوضوح نتيجة سقوط شعاع الضوء على القرنية لينكسر ثم يتجمع على عدسة العين (lens) التي تعمل على تركيزه وإيصاله إلى الشبكية المسؤولة عن إرسال الإشارات إلى المخ، ومن ثم إذا تضررت عدسة العين فإن الرؤية بالكامل تتأثر سلبًا.
أسباب المياه البيضاء
تتعدد أسباب المياه البيضاء لكن يأتي في مقدمتها:
- تقدم العمر، ويُطلق عليها المياه البيضاء الشيخوخية، ويعد في هذه الحالة تغيرًا فيسيولوجيًا طبيعيًا يتزامن مع المرحلة العمرية.
- المياه البيضاء الوراثية (congenital cataract)، ويُقصد بها أن يولد الطفل بهذه المشكلة.
- تعرض العين لإصابة أو ضربة مباشرة (traumatic).
- الالتهاب القزحي.
- الإفراط في تناول بعض أنواع الأدوية وأشهرها الكورتيزون.
- نقص الكالسيوم.
- الإصابة بالسكري.
أعراض المياه البيضاء في العين
تختلف أعراض المياه البيضاء بناءًا على نوعها ومكانها ودرجة الإصابة بها؛ لكن العرض الرئيسي الذي يمر به جميع مرضى المياه البيضاء هو التدهور التدريجي في الرؤية، لذلك قد لا يلاحظه كثيرٌ منهم إلا بعد أن تصبح الرؤية ضبابية ويبدأ في الشكوى من بعض الأعراض التالية -أو كلها-، وهي:
- صعوبة في القراءة أو تمييز الوجوه.
- تعذر الرؤية خلال النهار لشدة الضوء الذي تتعرض له العين.
- حساسية الضوء أو صعوبة النظر تجاه مصادر الوهج، مما يجعل القيادة ليلًا مهمة شاقة.
- يرى المريض ما حوله وكأن كل الأشياء قد مال إلى اللون الأصفر.
- قصر النظر المتزايد بمرور الوقت، خصوصًا حالات المياه البيضاء المتجانسة (ويُقصد بها إعتام عدسة العين بالكامل بنفس الدرجة، فيتغير معامل انكسار العدسة بالتدريج).
والجدير بالذكر أن أعراض المياه البيضاء في الأطفال المولودين بها لا تختلف كثيرًا عنها في الكبار، غير أن الطفل قد يظن أن الجميع يرون الأشياء كما يراها، فلا يعبر عن مشكلته، ومن ثم تُصاب العين بالكسل وتزيد فرصة تعرّض الطفل لحَوَل العين.
ثانيًا
المياه الزرقاء
تُعرف أيضًا بالجلوكوما (Glaucoma) أو الزرق، وتعني ارتفاع ضغط العين الناجم عن إحدى مشكلتين:
- إما زيادة كمية السائل الذي تنتجه الأجسام الهُدبية بالعين.
- أو فقدان العين قدرتها على تصريف الزائد من السوائل بصورة طبيعية.
مما يُشكّل ضغطًا على أكثر الأجزاء حساسيةً في العين، وهو العصب البصري، علاوةً على ما تتعرض له العين من إجهاد، وكلما تأخر المريض في علاج المياه الزرقاء زادت احتمالية فقدانه لحاسة البصر بصورة نهائية، إذ إن الخلايا العصبية التالفة لا تتجدد، وبالتالي لا يُمكن تعويضها.
أنواع المياه الزرقاء في العين
يمكن تقسيم الجلوكوما بناءًا على معدل تطور ارتفاع الضغط في العين إلى نوعين، هما:
- جلوكوما مفتوحة الزاوية (open angle glaucoma)، وفيها يزداد الضغط تدريجيًا بمرور الوقت دون أن يلاحظ المريض، وهو النوع الأكثر شيوعًا.
- جلوكوما مغلقة الزاوية (closed angle glaucoma)، وتعني زيادة السائل داخل العين بصورة مفاجئة، مما يسبب ضغطًا هائلًا على العين، ويستدعي التدخل الطبي العاجل.
أسباب المياه الزرقاء في العين
وعن الفرق بين المياه البيضاء والزرقاء في العين من جهة الأسباب فإن الأطباء لا يعرفون سببًا بعينه وراء تراكم السائل في العين وارتفاع ضغطها؛ لكن هناك عوامل خطر يمكنها أن تزيد من احتمالية الإصابة بالمياه الزرقاء، ولا تختلف كثيرًا عن تلك المذكورة سلفًا، ومنها:
- التقدم في العمر.
- التاريخ العائلي أو الوراثي.
- الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو السكري.
- الإصابة بها منذ الولادة.
- الإفراط في استخدام قطرات العين وبعض أنواع الأدوية، خاصةً التي تحتوي على الكورتيزون.
أعراض المياه الزرقاء في العين
تُسمى الجلوكوما أيضًا بـ “سارق البصر الصامت”؛ إذ لا يلاحظ أغلب المرضى أي أعراض لفترة طويلة، ثم تبدأ الأعراض في الظهور، ومن أبرزها:
- الشعور بالألم الشديد في العين مع الصداع.
- ضيق مجال الرؤية، ويسمى الرؤية النفقية (tunnel vision).
- ازدواجية الرؤية.
- الحساسية للضوء.
- صعوبة الرؤية في الأماكن المظلمة.
هل يمكن علاج حالات المياه البيضاء المتأخرة؟
نعم، وهنا نلاحظ الفرق بين المياه البيضاء والزرقاء في العين؛ إذ يمكن علاج حالات الإعتام المتأخرة -وإن كان الأمر أكثر صعوبة إلا إنه ممكن- عن طريق إزالة عدسة العين وزراعة أخرى سليمة.
هل يمكن التعايش مع المياه الزرقاء في العين؟
نعم، ولكن بشرط الالتزام بالمتابعة الدورية مع المتخصص، والحرص على تناول ما يصفه من علاج بانتظام، والتوجه إليه في حال ملاحظة أي أعراض مفاجئة.
هل يعود البصر كما كان بعد علاج الجلوكوما أو المياه البيضاء؟
إن التدخل في هذه الحالات يكون بهدف الحفاظ على ما تبقى من حاسة البصر، وليس إعادته بكامل كفاءته، أي إن التدخل يكون علاجيًا وليس تصحيحيًا للبصر.