
عملية المياه البيضاء لصغار السن والأطفال
عندما تسمع عن المياه البيضاء، فإن أول ما قد يخطر ببالك هو رجل كبير في السن، يرتدي النظارات الطبية، ويواجه صعوبة في الرؤية حتى مع ارتداء النظارة الطبية، إذ إن المياه البيضاء هو مرض يصيب كبار السن عادة نتيجة عوامل الشيخوخة التي تتسبب تغيرات متعددة في خلايا الجسم، والتي منها خلايا عدسة العين الداخلية، بما يتسبب في عتامتها.
ولكن هل كنت تعلم أن المياه البيضاء قد تصيب صغار السن والأطفال أيضًا؟ هذا ما سنتعرف عليه بشيء من التفصيل في سطور هذا المقال الذي يبين طبيعة المياه البيضاء لدى الأطفال وأسبابها، وتفاصيل عملية المياه البيضاء لصغار السن.
المياه البيضاء عند الأطفال
المياه البيضاء هي مرض يصيب عدسة العين الداخلية نتيجة التغيرات التي تحدث في السوائل المحيطة بالعدسة، سواء كان ذلك بسبب مرض السكر أو الضغط، أو بعض أمراض العيون مثل التهاب القزحية، أو نتيجة إصابة مباشرة في العين.
ولكن الأمر يختلف تمامًا لدى الأطفال، فزيادة على هذه الأسباب الموجودة لدى كبار السن، قد يولد بعض الأطفال بعيوب خلقية تؤدي للإصابة بالمياه البيضاء مع الولادة، كما أن نمط حياة الأم أثناء الحمل والأدوية التي تتعاطاها أثناء هذه الفترة تؤثر بصورة كبيرة على تكوين الجنين، وهي من العوامل التي تتسبب في إصابته بالمياه البيضاء.
وفيما يلي نتعرف على أسباب هذا المرض لدى الأطفال، ودور عملية المياه البيضاء لصغار السن في التخلص من هذه المشكلة التي قد تهدد نظرهم مستقبلًا.
أسباب المياه البيضاء لدى الأطفال
بشكل عام، قد تكون أسباب المياه البيضاء للأطفال خلقية، وقد تكون مكتسبة، وتتمثل الأسباب المكتسبة في:
- تعرض الطفل لإصابة أو صدمة مباشرة في العين.
- تناول الطفل لأنواع معينة من الأدوية، مثل الكورتيزونات، وأدوية علاج الروماتيزم.
- الإصابة بمرض السكّر، إذ إنه يؤدي مع مرور الوقت إلى تغيّر حالة عدسة العين، ولا يشترط أن يكون الشخص كبيرًا في العمر، بل قد يحدث تطور سريع للمشكلة، فيصاب الطفل بالمياه البيضاء.
- الخضوع للعلاج الإشعاعي، أو التعرض للإشعاعات بصورة كبيرة -حتى وإن لم يكن ذلك بهدف العلاج-.
هذه هي أهم الأسباب المكتسبة التي قد تؤدي إلى الإصابة بالمياه البيضاء لدى الأطفال، ومن ثم تضطرنا إلى إجراء عملية المياه البيضاء لكبار السن قبل تفاقم المشكلة وتعرض الطفل لفقدان النظر.
أما عن الأسباب الخلقية -أي التي يولد بها الطفل- فإنها تتمثل في الآتي:
- تناول الأم لبعض الأدوية أثناء فترة الحمل، وخاصة أن السيدات ربما لا يعرفن بالحمل في الشهرين الأولين، فأدوية مثل المضادات الحيوية أو الكورتيزونات أو الأدوية المعالجة للروماتيزم من شأنها أن تؤثر على تكوين الجنين، وبما يتسبب بإصابته بالمياه البيضاء الخلقية.
- العامل الوراثي والجينات، إذ إن إصابة أحد أفراد العائلة بالمياه البيضاء قد يكون السبب وراء إصابة الطفل بهذا المرض أيضًا، عند الولادة أو في أي مرحلة في عمره.
لكن من المعروف أن الأطفال والرضع لا يستطيعون التعبير عن المشكلة التي يعانون منها، فكيف يتم اكتشاف هذا المرض، ومتى نلجأ لـ عملية المياه البيضاء لصغار السن؟
متى نلجأ لـ عملية المياه البيضاء لصغار السن؟
يصعب اكتشاف المياه البيضاء عند صغار السن بسبب عدم قدرتهم على التعبير عما يعانون منه، سواء كان ضعفًا في النظر، أو تشوشًا في الرؤية، وإذا كان الطفل مصابًا بالمياه البيضاء في عين واحدة، أو كانت المياه البيضاء موجودة بصورة كبيرة في عينٍ واحدة مقارنة بالعين الأخرى، فإن العقل يحاول التأقلم مع هذا الوضع من خلال الاعتماد على العين السليمة، أو العين التي ترى الصورة أكثر وضوحًا، وهو ما يؤدي مع مرور الوقت إلى كسل هذه العين المصابة بالمياه البيضاء.
ولذا، دائمًا ما ينصح الأطباء بضرورة إجراء فحص العين بمجرد الولادة، وإجراء فحص العين دوريًا لمتابعة حالة العين، خاصة وإن كانت الأم مصابة بأمراض أثناء الحمل، أو كانت تتعاطى أدوية مثل التي ذكرناها سابقًا، أو كان هناك تاريخ عائلي للإصابة بالمياه البيضاء.
وقد تُلاحظ الأم إصابة طفلها بالمياه البيضاء من خلال رؤية سواد العين متغيرًا إلى اللون الأبيض أو الرمادي، فحينها يتوجب عليها زيارة الطبيب للاطمئنان على حالة الطفل، والتأكد من مدى حاجته لـ عملية المياه البيضاء لصغار السن.
وعند زيارة الطبيب المتخصص فإنه سيقوم بإجراء عدة فحوصات على العين، منها فحص قاع العين، والتصوير بالموجات فوق الصوتية، وهو من أهم الفحوصات التي تكشف عن وجود المياه البيضاء.
وللإجابة عن سؤال “متى نلجأ لـ عملية المياه البيضاء لصغار السن؟” بشكل واضح، فإننا نشير إلى أن هذه الحالات هي التي تتطلب التدخل السريع وإجراء العملية حتى لا يصاب الطفل بمضاعفات خطيرة:
- وجود المياه البيضاء في مركز العدسة.
- إصابة عين واحدة بالمياه البيضاء.
- زيادة نسبة المياه البيضاء في عين واحدة مقارنة بالعين الأخرى.
فهذه الحالات تجعل العقل يعتمد على العين الأقوى، وبالتالي يؤدي ذلك إلى كسل العين الأخرى، وفقدان قدرتها على الإبصار للأبد، وهو ما يضطرنا لإجراء عملية المياه البيضاء لصغار السن بصورة عاجلة حتى لا يفقد الطفل القدرة على الإبصار.
تفاصيل عملية المياه البيضاء لصغار السن
إن عملية المياه البيضاء لصغار السن بأغلب تفاصيلها تختلف عن ذات العملية بالنسبة لكبار السن، فوجه التشابه الوحيد هو استخدام ليزر الفيمتو ثانية في فتح محفظة العدسة الأمامية والخلفية.. ولكن في الأطفال لا نحتاج إلى استخدام ليزر الفيمتو ثانية لتفتيت العدسة المعتمة، بل يتم إزالتها ببساطة لأنها تكون لينة.
وكما هو معلوم في عمليات المياه البيضاء، فإننا نحتاج إلى زراعة عدسة أخرى صناعية مكان العدسة التي تمت إزالتها حتى يحصل المريض على أعلى كفاءة للرؤية بعد العملية.. ولكن هل يتم ذلك الأمر بنفس الكيفية في عملية المياه البيضاء لصغار السن؟
هنا يكمن الاختلاف الكبير بين العملية التي تُجرى لكبار السن وصغار السن، فلا نقوم بزراعة عدسة جديدة إلا بعد النظر إلى عدة اعتبارات، وهي:
عمر الطفل
فإذا كان أقل من 4 أو 6 أشهر، فإن الكثير من الأطباء لا يرجّحون زرع عدسة مكان العدسة القديمة في هذا الوقت، بل يتم الانتظار حتى يكبر الطفل. ويعتمد أصحاب هذا الرأي على القول بأن عين الطفل ستكبر مع مرور الوقت ولن يكون حجم عدسة العين التي تمت زراعتها مناسبًا حينئذ، وسيحتاج إلى تغييرها، كما أنهم يقولون أيضًا إن مناعة الطفل تكون قوية للغاية، وستهاجم العدسة الجديدة باعتبارها جسمًا غريبًا، وربما أيضًا تصاب العين بالالتهابات بسبب هذه العدسة الجديدة.
ويرى بعض الأطباء أنه يفضّل زرع عدسة العين في هذا العمر حتى تكون الرؤية واضحة، ولا يحدث كسل في العين.
ولكن الراجح أنه لا يوجد قانون يتم تطبيقه على جميع الحالات، بل يجب النظر إلى كل حالة على حدة لتحديد المناسب لها.
هل المياه البيضاء في العينين أم في عينٍ واحدة
إن إصابة عينٍ واحدة بالمياه البيضاء يجعل قرار إجراء عملية المياه البيضاء لصغار السن وزراعة عدسة بعدها مختلفًا عمّا إذا كانت الإصابة بالعين الواحدة، إذ إنه في هذه الحالة قد يرجح الرأي القائل بضرورة زرع عدسة في العين المصابة، حتى لا تصاب بالكسل مع مرور الوقت.
وفي النهاية، يعتبر الكشف المبكر على العين للأطفال هو من أهم الضروريات التي تجنب الطفل التعرض لمضاعفات المياه البيضاء الخطيرة.